لبعضها فالمحرم للعائذ بحرمة وصفر للطامع في سعادة قدمه وربيع لرائد نواله ورجب لأقوال عذاله .
وهذا مأخوذ من قول الفرزدق .
( يَدَاكَ بَدٌ رَبِيعُ النَّاسِ فِيهَا ... وَفِي الأُخْرَى الشهور من المحرم ) .
وقد قال الشعراء في ذلك كثيرا إلا أني أنا تصرفت في هذا المعنى تصرفا لم يتصرف فيه أحد غيري .
ومن هذا المعنى ما ذكرته في فصل من كتاب وهو ولقد سوى بين أعدائه في البغض وبين أمواله فهذه معنية بوقع نصاله وهذه معنية بصنائع نواله ولو أحب المال لكان أحبه إليه ما يبذله كما أن أحب الناس إليه منح يسأله ومن أحسن ما سنه من الكرم أنه جاد حتى بدل رغب العافين زهدا ورأى الحمد عوضا من الصنيعة فأبى أن يعتاض من صنائعه حمدا .
وبعض هذا المعنى مأخوذ من شعر أبي نواس وهو .
( لَيْتَ أعْدَائِي كَانُوا ... لأبي إسْحاقَ مَالاَ ) .
ومن ذلك قولي في وصف القتال وموطن الحرب ووصف الشجاعة والأنجاد وما يتعلق بذلك ويجري معه وهذا الفصل يشتمل على معاني مختلفة .
فمن ذلك ما ذكرته في وصف العسكر وهو فسرنا في غمامة من الكتائب تظلها غمامة من الطيور الأشائب فهذه يضمها بحر من حديد وهذه يضمها بر من صعيد وما مرت ببلد إلا أزالت أرضه من سمائه وألبست نهاره ثوب ظلمائه