( فَتَى مَاتَ بين الضَّرْبِ وَالطَّعْنِ مِيْتَةً ... تَقُومُ مَقَامَ النَّصْرِ إذْ فَاتَهُ النَّصْرُ ) فعروة بن الورد جعل اجتهاده في طلب الرزق عذرا يقوم مقام النجاح وأبو تمام جعل الموت في الحرب الذي هو غاية اجتهاد المجتهد في لقاء العدو قائما مقام الانتصار وكلا المعنيين واحد غير أن اللفظ مختلف .
وهذا الضرب في سرقات المعاني من أشكلها وأدقها وأغربها وأبعدها مذهبا ولا يتفطن له ويستخرجه من الأشعار إلا بعض الخواطر دون بعض .
وقد يجيء منه ما هو ظاهر لا يبلغ في الدقة مبلغ هذه الأبيات المشار اليهاكقول ابن المقفع في باب الرثاء من كتاب الحماسة .
( فقَدْ جَرَّ نَفْعاً فَقْدُنَا لَكَ أَنَّنا ... أَمِنَّا عَلَى كُلِّ الرَّزَايَا مِنْ الْجَزع ) وجاء بعده من أخذ هذا المعنى فقال .
( وَقَدْ عَزَّى رَبِيعَةَ أنَّ يَوْماً ... عَلَيْهَا مِثْل يَوْمِكَ لاَ يَعُودُ ) وهذا من البديع النادر .
ههنا ما هو أشد ظهورا من هذين البيتين في هذا الضرب من السرقات الشعريةوذلك يأتي في الألفاظ المترادفة التي يقوم بعضها مقام بعض وذاك الاعتداد به لمكان وضوحه لكن قد يجيء منه ما هو صفة من صفات الترادف لا الاسم نفسه فيكون حسنا كقول جرير .
( وَلاَ يَمْنَعْكَ مِنْ أَرَبٍ لِحَاهُمْ ... سَوَاءٌ ذُو الْعِمَامَةِ وَالْخِمَار ) أخذ أبو الطيب المتنبي هذا المعنى فقال .
( وَمَنْ في كَفِّه مِنْهُمْ قَنَاةُُ ... كَمَنْ في كَفِّهِ مِنْهُمْ خِضابُ ) .
الضرب الثالث من السلخ وهو أخذ المعنى ويسير من اللفظ وذلك من أقبح السرقات وأظهرها شناعة على السارق