فمن ذلك قول البحتري في غلام .
( فَوْقَ ضَعفِ الصَّغيرِ إِنْ وُكِلَ الأَمْرُ إِلَيْهِ وَدُونَ كَيْدِ الْكِبارِ ) سبقه أبو نواس فقال .
( لَمْ يَخْفَ مِنْ كِبرٍ عَمَّا يُرادُ بِهِ ... مِنَ الأُمُورِ وَلاَ أَزْرَى مِنَ الصِّغَرِ ) وكذلك قوله أيضا .
( كُلُّ عِيدٍ لَهُ انْقِضَاءُُوَكَفِّي ... كُلَّ يَوْمٍ مِنْ جُودِهِ فِي عِيدِ ) أخذه من علي بن جبلة [ في قوله ] .
( لِلعِيْدِ يَوْمٌ مِنَ الأيَّامِ مُنْتَظَرٌ ... وَالنَّاسُ في كُلِّ يَوْمٍ مِنْكَ في عِيدِ ) وكذلك قوله .
( جَادَ حَتَّى أَفْنَى السُّؤَالَ فَلَمَّا ... بَادَ مِنَّا السُّؤَالُ جَادَ ابْتِدَاءَ ) أخذه من علي بن جبلة [ في قوله ] .
( أَعْطَيْتَ حَتَّى لَمْ تَدَعْ لَكَ سَائِلاً ... وَبَدَأْتَ إذْ قَطعَ الْعُفَاة سُؤَالهَا ) وقد افتضح البحتري في هذه المآخذ غاية الافتضاح وهذا على بسطة باعه في الشعر وغناه عن مثلها وقد سلك هذه الطريق فحول الشعراء ولم يستنكفوا من سلوكهافممن فعل ذلك أبو تمامفإنه قال .
( قَدْ قَلَّصَتْ شَفَتَاهُ مِنْ حَفِيظَتِهِ ... فَخِيلَ مِنْ التَّعْبِيسِ مُبْتَسِما ) سبقه عبد السلام بن رغبان المعروف بديك الجن فقال .
( وَإِذا شِئْتَ أَنْ تَرَى المَوْتَ في صورَةِ ... لَيْثٍ في لِبْدَتَيْ رِئبَالِ ) .
( فَالْقَهُ غَيْرَ أنَّما لِبْدَتَاهُ ... أبْيَضٌ صَارِمُُ وأسْمَرُ عالِ ) .
( تَلْقَ لَيْثاً قَدْ قَلَّصتْ شَفتاهُ ... فَيُرَى ضَاحِكاً لِعَبسِ الصِّيَالِ )