وهذه قصيدة أولها .
( غَدَتْ تَسْتَجِيرُ الدَّمْعَ خَوْفَ نَوَى غَدِ ... ) فقال .
( وَقَائِعُ أصْلُ النَّصْرِ فِيهَا وَفَرْعُهُ ... إِذا عُدِّدَ الإِحْسَانُ أوْ لَمْ يُعدَّدِ ) .
( فَمهْمَا تَكُن مِنْ وَقْعَةٍ بَعْدُ لاَ تَكُنْ ... سِوى حَسَنٍ مِمَّا فَعَلْتَ مُرَدَّدِ ) محاسنُ أصناف المغنين جمة البيت .
وأما السلخ فإنه ينقسم إلى اثني عشر ضربا وهذا تقسيم أوجبته القسمة وإذا تأملته علمت أنه لم يبق شيء خارج عنه .
فالأول أن يؤخذ المعنى ويستخرج منه ما يشبهه ولا يكون هو إياه وهذا من أدق السرقات مذهبا وأحسنها صورة ولا يأتي إلا قليلا .
فمن ذلك قول بعض شعراء الحماسة .
( لَقَدْ زَادَني حُبًّا لِنَفْسِيَ أَنَّني ... بَغِيْضٌ إِلى كُلِّ امْرِيءٍ غَيْرِ طَائِلِ ) أخذ المتنبي هذا المعنى واستخرج منه معنى آخر غيره إلا أنه شبيه به فقال .
( وَإذا أَتَتْك مَذَمَّتي مِنْ نَاقِصٍ ... فَهِيَ الشَّهَادَةُ لِي بِأَنِّي فاضِلُ ) .
والمعرفة بأن هذا المعنى أصله من ذاك المعنى عسر غامض وهو غير متبين إلا لمن أعرق في ممارسة الأشعار وغاص في استخراج المعاني وبيانه أن الأول يقول إن بغض الذي هو غير طائل إياي مما زاد نفسي حبا إلى أي جملها في عيني وحسنها عندي كون الذي هو غير طائل مبغضي والمتنبي يقول إن ذم الناقص إياي شاهد بفضليفذم الناقص إياه كبغض الذي هو غير طائل ذلك الرجل وشهادة ذم الناقص إياه بفضله كتحسين بغض الذي هو غير طائل نفس ذلك الرجل عنده