( لَوْ كَانَ في قَلْبي كَقَدْرِ قُلامَةٍ ... حُبّاً وَصَلْتُكَ أَوْ أَتَتْكَ رَسَائِلِي ) فقال أبو هلال إن إتيان الرسائل داخل في جملة الوصل وليس الأمر كما وقع لهفإن جميلا إنما أراد بقوله وصلتك أي أتيتك زائرا وقاصدا أو كنت راسلتك مراسلة وبالوصل لا يخرج عن هذين الوصفين إما زيارة وإما رسالة .
ومن أعجب ما وجدته في هذا الباب ما ذكره أبو العلاء محمد بن غانم المعروف بالغانمي وهو قول العباس بن الأحنف .
( وِصَالُكُمُ هَجْرٌ وَحُبُّكُمُ قِلاً ... وَعَطْفُكُمْ صَدٌ وَسِلْمُكُمُ حَرْبُ ) ثم قال الغانمي هذا والله أصح من تقسيمات إقليدس ويا لله العجب ! أين التقسيم من هذا البيت ؟ هذا والله في واد والتقسيم في واد ألا ترى أنه لم يذكر شيئا تحصره القسمة وإنما ذم أحبابه في سوء صنيعهم به فذكر بعض أحواله معهم ولو قال أيضا .
( وَلينُكُمُ عُنْفٌ وَقُرْبُكُمُ نَوىً ... وَإِعْطَاؤُكُمُ مَنْعٌ وَصِدْقُكُمُ كِذْبُ ) لكان هذا جائزا وكذلك لو زاد بيتا آخر لجاز ولو أنه تقسيم لما احتمل زيادة والأولى أن يضاف هذا البيت الذي ذكره الغانمي إلى باب المقابلةفإنه أولى بهلأنه قابل الوصل بالهجر والعطف بالصد والسلم بالحرب .
ومن فساد التقسيم قول البحتري في قصيدته التي مطلعها