خوارا وأن زئيرهم قد انقلب خواراأذعنت أيديهم باستلامها وصانعت بالمال عن الرقاب واسترقاقها وبالبلد عن النفوس وحمامها فأبى السيف أن يترك رقابا تغذي بأكلها ويحل من عشقها على مداومة وصلها وذكر الخادم أن سلف هؤلاء انتزاع هذا البلد قسرا وفتك بمن كان به من المسلمين غدرا وذلك ثأر ذخره الله لك حتى تحظى في الآخرة بثوابه وتتجمل في الدنيا بزينة أثوابه والمسلم أخو المسلم يأخذ بدمه وإن تطاولت أمداد السنين على قدمه فيا بعد عهد هذا الثأر من ثائره ويا طيب خبره عند سامعه وحسن أثره عند ناظره ولما تحقق العزم على ذلك أشار ذوو الرأي بقبول الفدية المبذولة وألا يحمل العدو على ما ليست نفسه عليه بمحمولة فإن النقد إذا أخرج صار ذا أنياب وأظفار واستضرى حتى يلتحق بالسباع الضوار وهؤلاء إذا رأوا عين القتل تجردوا للقتال وركبوا الأهوال للنجاة من الأهوال ومن يدع إلى خطة رشد فليقبلها ومن أنشط له عقل الأمور فلا يعقلها وعلى كل حال فإن الفدية للمسلمين أرغب وأموال يتقوى بها على العدو خير من دماء تذهب هذا وبالبلد من أسارى المسلمين من حياة أحدهم بحياة كل نفس ومن حرمته عند الله مما طلعت عليه الشمس ولا يوازي فتحه عنوة أن يتعدى إليهم أضراره ولا شك أنهم يعاجلون بالقتل قبل أن تدخل أقطاره فرأى الخادم عند ذلك أن الرأي مشترك وأن له معتركا كما أن السيف له معترك وتقرر تسليم البلد ودموع أهله قد خضبت أحداقها وأقرحت آماقها ولم تطب أنفسهم بفراق قمامه حتى كادت الهام تفارق أعناقها فعلى حب ذلك التراب تقوم قيامتهم وتشيل نعامتهم ولطالما ابتهلوا عنده أيام الحصار واستنصره فلم يحظوا منه بمعونة الانتصار وكيف يرجى النصر من معبود تقر شيعته بقتله أم كيف يدفع عن غيره من كان هو مبتلى بمثله وهذه عقول سخيفة نفذ فيها كيد شيطانها وأخفى عنها محجة الحق على وضوح بيانها ولقد كان يوم التسليم عريض الفخار زائد العمر على عمر أبويه من الليل والنهار واشتق من اسمه معنى السلامة للمسلمين والهلاك للكفار وزاده فخرا إلى فخره أنه وافق اليوم المسفر عن ليلة المعراج النبوي الذي كان في تلك الأرض موعده ومن صخرتها مصعده وذلك هو الإسراء الذي ركب إليه ظهر البراق واستفتح له أبواب السبع الطباق ولقي فيه الأنبياء على اختلاف درجاتهم فظفر خير ملقى بخير لاق وبركة ذلك اليوم سرت إلى هذا