خطاباِوأدنى من المطلوب طلاباِوأنه إذا ضرب بعصاه الحجر انبجست عيون أهله دماء كما انبجست عيون الحجر ماء هذا والعزائم تنظر إلى هذا الرأي نظر المستجهل وتصد عنه صدود المستعجل وتقول ما بارتياد السهل تملك الصعاب ومن ابتنى السيف صرحا لم ينأ عنه بلوغ الأسباب والحديد لا يفلح إلا بالحديد والركن الشديد لا يصدم إلا بركن شديد فعندها صمم الخادم أن يلقى البلد مواثبا لا مواربا وأن يجعل للزحف جانبا وللمنجنيق جانبا ونوى أن يبدي صفحة وجهه أمام الناس وتأسى برسول الله في الاتقاء به إذا اشتد البأس ولا شك أن قلوب الجيوش بمنزلة قلوبها وأن النفاذ لأسنة الرماح لا لكعوبها ولا يشتفي من الوغى إلا من كان طرفه أمام طرفه ومن وقف خلف جنوده فقد جعل عزائمها من خلفه ولما وقع الزحف صورع البلد صراعا بعد أن قورع قراعا ثم هز هزة طوته بيمينها ونشرته بشمالها وأذاقته العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر من نكالها وبدون ذلك يكون عذرك أديمه وعطف شكيمه ولم يكن قتاله بالسهام التي غايتها أن تصف أجنحتها للمطار وتنال بكلومها من فوق الأسوار بل بالسيوف التي إذا جالدت بلدا أخذت بكظمه وتوغلت في هجمه وأغنت بسرعة خطواتها إليه عن المنجنيق وإبطاء هدمه والسيف ليس بمرتو من النفس التي تظل طائشة عند لقائها جائشة عند استيفائها فالقلوب توصف بأنها تجيش إذا كانت أعدادا والنفوس لا تجيش إلا ذا كانت ثمادا وما يستوي وجوه الأقران في إقدامها وإحجامها فمنها المظلم إذا رابها الروع بإشراقها ومنها المشرق إذا شابها الروع بإظلامها وكانت وجوه المؤمنين أحظى بلباس الإشراق وأتم أبدرا والبدور لا يكون تمامها في المحاق فما منهم إلا من عرض نفسه ليوم العرض ومشى إلى جنة عرضها السموات والأرض حتى اتسع المكر وضاق بأعداء الله المقر وحرقت أوعار الخنادق وصار الرجال لمنطقة الصور كالمناطق ولم يستشهد فيهم إلا عدد يسير لا تدخله لام التعريف وكانت أجنحة الملائكة مطيفة بهم فأكرم بالمطاف به وبالمطيف وقد أسعد الله أولئك بالشهادة التي هي الفوز الأكبر وقرنها بإدناء مضاجعهم من الأرض المقدسة التي هي أرض المحشرِفما يسرهم أن يعودوا إلى الدنيا إلا للاستزادة من ثواب الجهاد وأيسر ذلك أن أرواحهم في حواصل طير خضر تعلق من ثمار الجنة إلى يوم المعاد ولما رأى الكفار أن صليبهم قد صار