على هذا الأسلوب جاء قول الشاعر .
( وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَبْكِي دَماً لَبَكيْتُهُ ... عَلَيْهِ وَلَكِنْ سَاحَةُ الصَّبْرِ أَوْسَعُ ) .
فلو كان على حد قوله تعالى ( ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ) لوجب أن يقول ولو شئت لبكيت دماً ولكنه ترك تلك الطريقة وعدل إلى هذه لأنه أليق في هذا الموضعِ وسبب ذلك أنه كان بدعاً عجيباً أن يشاء الإنسان أن يبكي دماً فلما كان مفعول المشيئة مما يستعظم ويستغرب كان الأحسن أن يذكر ولا يضمر .
الضرب الرابع وهو حذف المضاف والمضاف إليهِ وإقامة كل واحد منهما مقام الآخرِ وذلك باب عريض طويل شائع في كلام العربِ وإن كان أبو الحسن الأخفش C لا يرى القياس عليه .
فأما حذف المضاف فكقوله تعالى ( حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ) فحذف المضاف إلى يأجوج ومأجوج وهو سدهما كما حذف المضاف إلى القرية في قوله تعالى ( واسئل القرية ) أي أهل القرية .
ومن ذلك أيضاً قوله D ( ولكن البر من اتقى ) أي خصله من اتقى وإن شئت كان تقديره ولكن ذا البر من اتقى والأولى أولى لأن حذف المضاف ضرب من الاتساع والخبر أولى بذلك من المبتدأ لأن الاتساع بحذف الإعجاز أولى منه بحذف الصدور .
وقد حذف المضاف مكرراً في قوله تعالى ( فقبضت قبضة من أثر الرسول ) أي من أثر حافر فرس الرسول وهذا الضرب أكثر اتساعاً من غيره .
ومما جاء منه شعراً قول بعضهم من شعراء الحماسة