فالجواب عن ذلك أن الضلالة تكون مصدراً كما قلتِ وتكون عبارة عن المرة الواحدةِ تقول ضل يضل ضلالة أي مرة واحدةِ كما تقول ضرب يضرب ضربةِ وقام يقوم قومةِ وأكل يأكل أكلةِ والمراد بالضلالة في هذه الآية إنما هو عبارة عن المرة الواحدة من الضلال فقد نفي ما فوقها من المرتين والمرار الكثيرة .
وأما الصفتان الواردتان على شيء واحد فكقول الأشتر النخعي .
( خَلَّفْتُ وَفْرِي وانْحَرَفْتُ عَنِ الْعُلَى ... وَلَقيِتُ أَضْيَافِي بِوَجْهِ عَبُوسِ ) .
( إِنْ لَمْ أَشُنَّ عَلَى ابْنِ حَرْبٍ غَارَةً ... لَمْ تَخْلُ يَوْماً مِنْ نِهَابِ نُفُوسِ ) .
( خَيْلاً كَأمْثَالِ السَّعَالِي شُزَّباً ... تَعْدُو بِبِيضٍ فِي الْكَرِيهَةِ شُوشِ ) .
( حَمِيَ الْحَدِيدُ عَلَيْهِمُو فَكَأَنَّهُ ... لَمَعَانُ بَرْقٍ أَوْ شُعَاعُ شُمُوسِ ) .
ألا ترى أنه رقى في التشبيه من الأدنى إلى الأعلى فقال ( لمعان برق أو شعاع شموس ) ؟ لأن لمعان البرق دون لمعان الشموس