النوع الثامن .
في استعمال العام في النفي والخاص في الإثبات .
اعلم أنه إذا كان الشيئان أحدهما خاصاً والآخر عاماً فإن استعمال العام في حالة النفي أبلغ من استعماله في حالة الإثباتِ وكذلك استعمال الخاص في حالة الإثبات أبلغ من استعماله في حالة النفي .
ومثال ذلك الإنسانية والحيوانية فإن إثبات الإنسانية يوجب إثبات الحيوانيةِ ولا يوجب نفيها نفي الحيوانيةِ وكذلك نفي الحيوانية يوجب نفي الإنسانيةِ ولا يوجب إثباتها إثبات الإنسانية .
ومما ينتظم بذلك الأسماء المفردة الواقعة على الجنس التي يكون بينها وبين واحدها تاء التأنيثِ فإنه متى أريد النفي كان استعمال واحدها أبلغِ ومتى أريد الإثبات كان استعمالها أبلغ .
وكذلك يتصل بهذا النوع الصفتان الواردتان على شيء واحد فإنه إذا لزم من وجود إحداهما وجود الأخرى اكتفى بها في الذكرِ ولم يحتج إلى ذكر الأخرى لأنه يجيء ضمناً وتبعاًِ أو أن يبدأ بها في الذكر أولاً ثم تجيء الأخرى بعدهاِ وأما الصفات المتعددة فإنه ينبغي أن يبدأ في الذكر بالأدنى مرتبة ثم بعدها بما هو أعلى منها إلى أن ينتهي إلى آخرهاِ هذا في مقام المدحِ فإن كان في مقام الذم عكست القضية .
فالأول - وهو الخاص والعام - نحو قوله تعالى ( مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم ) ولم يقل ذهب بضوئهم موازناً لقوله ( فلما أضاءت ) لأن ذكر النور في حالة النفي أبلغِ من حيث إن الضوء فيه الدلالة على النور وزيادةِ فلو قال ذهب الله بضوئهم لكان المعنى يعطي ذهاب تلك الزيادة