فمما جاء من ذلك قول النبي ( في سائمة الغنم زكاة ) فهذا اللفظ يستخرج منه معنيان أحدهما تام والآخر مقدر فالتام دلالته على وجوب الزكاة في السائمة لا غير والمقدر دلالته على سقوط الزكاة عن المعلوفة إلا أنه ليس مفهوما من نفس اللفظ بل من قرينة أخرى هي كالتابعة له وهي أنه لما خصت السائمة بالذكر دون المعلوفة علم من مفهوم ذلك أن المعلوفة لا زكاة فيها وللفقهاء في ذلك مجاذبات جدلية يطول الكلام فيها وليس هذا موضعها والذي يترجح عندي هو القول بفحوى المعنى المقدر وهو الذي يسميه الفقهاء مفهوم الخطاب .
وله في الشعر أشباه ونظائر .
فمما ورد من ذلك شعرا قول جزء بن كليب الفقعسي من شعراء الحماسة وقد خطب إليه ابن كوز ابنته فرده .
( تَبَغَّى ابْنُ كُوزٍ وَالسَّفَاهَةُ كَاسْمِهَا ... لِيَسْتَادَ مِنَّا أنْ سَنَوْنَا لَيَالِيَا ) .
( فَلاَ تَطْلُبِنْهَا يَا ابْنَ كُوزٍ فَإنّهُ ... غَذَا النَّاسُ مُذْ قَامَ النَّبِيُّ الْجَوَارِيَا )