فبقي مظلما خائفا وكذلك المنافق إذا أظهر كلمة الإيمان استنار بها واعتز بعزها وأمن على نفسه وماله وولده فإذا مات عاد إلى الخوف وبقي في العذاب والنقمة .
ومما ورد منه في الأخبار النبوية قول النبي ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب ولا طعم لها ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر ) وهذا من باب تشبيه المركب بالمركب ألا ترى أن النبي شبه المؤمن القارئ وهو متصف بصفتين هما الإيمان والقراءة بالأترجة وهي ذات وصفين هما الطعم والريح وكذلك يجري الحكم في المؤمن غير القارئ وفي المنافق القارئ والمنافق غير القارئ .
وقد جاءني شيء من ذلك أوردته في فصل من كتاب أصف فيه البر والمسير فقلت لم أزل أصل الذميل بالذميل وألف الضحى بالأصيل والأرض كالبحر في سعة صدره والمطايا كالجواري راكدة على ظهره فمكان الركب منها كمكانهم من الأكوار ومسيرهم فيها على كرة لا تستقر بها حركة الأدوار .
وأما ما ورد من ذلك شعرا فكقول البحتري .
( خُلُقٌ مِنْهُم تْرَدَّدَ فِيهمْ ... وَلِيَتْهُ عِصَابَة عَنْ عِصَابَهْ )