وقد أبرز هذا المعنى في لباس آخر فقال .
( وَإِذَا عَلاَهَا الْمَاءُ ألْبَسَهَا ... حَبَباً شَبِيهَ جَلاَجِلِ الْحِجْلِ ) .
( حَتَّى إذَا سَكَنَتْ جَوَامِحُهَا ... كَتَبَتْ بِمِثْلِ أكَارِع النَّمْلِ ) .
ومن هذا قول البحتري .
( تَبَسُّمٌ وَقُطُوبٌ فِي نَدًى وَوَغىً ... كَالرَّعْدِ وَالْبَرْقِ تَحْتَ العَارِضِ الْبَردِ ) .
وهذا من أحسن التشبيه وأقربه إلا أن فيه إخلالا من جهة الصنعة وهي ترتيب التفسير فإن الأولى أن كان قدم تفسير التبسم على تفسير القطوب بأن كان قال كالبرق والرعد فانظر أيهما المنتمي إلى الفن كيف ذهب على البحتري مثل هذا الموضوع على قربه مع تقدمه في صناعة الشعر وليس في ذلك كبير أمر سوى أن كان قدم ما أخر لا غير وإنما يعذر الشاعر في مثل هذا المقام إذا حكم عليه الوزن والقافية واضطر إلى ترك ما يجب عليه وأما إذا كانت الحال كالتي ذكرها البحتري فحينئذ لا عذر له وسيأتي لذلك باب مفرد في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى وهو باب ترتيب التفسير .
وكذلك ورد قول البحتري