( تَعَزَّ فَإنَّ السَّيْفَ يَمْضِ وَإنْ وَهَتْ ... حَمَائِلُهُ عَنْهُ وَخَلاَّهُ قَائِمُهُ ) .
وهذا ليس من التشبيه وإنما هو استعارة لأن المستعار له مطوي الذكر وهو المعزى كأنه قال تعز فإنك كالسيف الذي يمضي وإن وهت حمائله وخلاه قائمه .
فإن قيل إنك قدمت القول في باب الاستعارة بأن التشبيه المضمر الأداة يحسن تقدير أداة التشبيه فيه والاستعارة لا يحسن تقدير أداة التشبيه فيها وجعلت ذلك هو الفرق بين التشبيه المضمر الأداة بين الاستعارة وقررت ذلك تقريرا طويلا عريضا ثم نراك قد نقضته ههنا بقولك إن من التشبيه المضمر الأداء ما يشكل تقدير أداة التشبيه قيه وإنه يحتاج في تقديرها إلي نظر كهذين البيتين المذكورين للفرزدق وما يجري مجراهما .
فالجواب عن ذلك أني أقول هذا الذي ذكرته لا ينقص علي شيئا مما قدمت القول فيه في باب الاستعارة لأني قلت إن التشبيه المضمر الأداة يحسن تقدير الأداة فيه أي لا يتغير بتقديرها فيه عن صفته التي اتصف بها من فصاحة وبلاغة وليس كذلك الاستعارة فإنها إذا قدرت أداة التشبيه فيها تغيرت عن صفتها التي أتصفت بها من فصاحة وبلاغة وأما الذي ورد ههنا من بيتي الفرزدق وما يجري مجراهما من التشبيه المضمر الأداة فإن أداة التشبيه لا تتقدر فيه وهو علي حالته من النظم حتى تتبين هل تغيرت صفته التي اتصف بها من فصاحة وبلاغة أم لا وإنما تتقدر أداة التشبيه فيه على وجه آخر وهذا لا ينقض ما أشرت إليه في باب الاستعارة .
وإذا ثبتت هذه الأقسام الأربعة فأقول إن التشبيه المضمر أبلغ من التشبيه المظهر وأوجز أما كونه أبلغ فلجعل المشبه مشبها به من غير واسطة أداة فيكون هو إياه فإنك إذا قلت زيد أسد كنت قد جعلته أسدا من غير إظهار أداة التشبيه