كنانته وعجمها عودا عودا يريد أنه عرض رجاله واختبرهم واحدا واحدا جد اختباره فرآني أشدهم وأمضاهم وهذا من الاستعارة الحسنة الفائقة .
وقد جاءني من الاستعارة في رسائلي ما أذكر شيئا منه ولو مثالا واحدا وذلك أنه سألني بعض الأصدقاء أن أصف له غلامين تركيين كان يهواهما وكان أحدهما يلبس قباء أحمر والآخر قباء أسود فقلت إذا تشعبت أسباب الهوى كانت لسره أظهر وأضحت أمراضه خطرا كلها ولا يقال في أحدها هذا أخطر وقد هويت بدرين على غصنين ولا طاقة للقلب بهوى واحد فكيف إذا حمل هوى اثنين ومما شجاني أنهما يتلونان في أسباغ الثياب كما يتلونان في فنون التجرم والعتاب وقد استجدا الآن زيا لا مزيد على حسنهما في حسنه فهذا يخرج في ثوب من حمرة خده وهذا في ثوب من سواد جفنه وما أدري من دلهما على هذا العجيب غير أنه ليس على فتنة المحب أهدى من حبيب .
وهذا الفصل بجملته مما تواصفه الناس وأغروا بحفظه .
وأما ما ورد من ذلك شعرا فكقول مسكين الدارمي من شعراء الحماسة .
( لِحَافِي لِحَافُ الضَّيْفِ وَالْبَيْتُ بَيْتُهُ ... وَلَمْ يُلْهِنِي عَنْهُ غَزَالٌ مُقَنَّعُ ) .
( أُحَدِّثُهُ إِنَّ الْحَدِيثَ مِنَ الْقِرَى ... وَتَعَلَمُ نَفْسِي أَنَّهُ سَوْفَ يَهْجَعُ ) .
فالغزال المقنع هذا استعارة للمرأة الحسناء .
وكذا ورد قول رجل من بني يسار في كتاب الحماسة أيضا