الجبال ليست من باب الاستعارة ولكنها في نصب تزول واللام لام كي والجبال ههنا استعارة طوى فيها ذكر المستعار له وهو أمر رسول الله وما جاء به من الآيات والمعجزات أي أنهم مكروا مكرهم لكي تزول منه هذه الآيات والمعجزات التي هي ثباتها واستقرارها كالجبال .
وعلى هذا ورد قوله تعالى ( والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون ) فاستعار الأودية للفنون والأغراض من المعاني الشعرية التي يقصدونها وإنما خص الأدوية بالاستعارة ولم يستعر الطرق والمسالك أو ما جرى مجراها لأن الشعر تستخرج بالفكرة والروية والفكرة والروية فيهما خفاء وغموض فكان استعارة الأودية لها أشبه وأليق .
والاستعارة في القرآن قليلة لكن التشبيه المضمر الأداة كثير وكذلك هي في فصيح الكلام من الرسائل والخطب والأشعار لأن طي المستعار له لا يتيسر في كل كلام وأما التشبيه المضمر الأداة فكثير سهل لمكان إظهار المشبه والمشبه به معا .
ومما ورد من الاستعارة في الأخبار النبوية قول النبي ( لا تستضيئوا بنار المشركين ) فاستعار النار للرأي والمشورة أي لا تهتدوا برأي المشركين ولا تأخذوا بمشورتهم .
وروي عنه أنه دخل يوما مصلاه فرأى أناسا كأنهم يكثرون فقال ( أما إنكم لو أكثرتم من ذكر هاذم اللذات لشغلكم عما أرى ) وهاذم اللذات أراد به الموت وهو مطوي الذكر .
وبلغني عن العرب أنهم يقولون عند رؤية الهلال لا مرحبا باللجين مقرب أجل ومحل وهذا من باب الاستعارة في طي ذكر المستعار له .
وكذلك بلغني عن الحجاج بن يوسف أنه خطب خطبة عند قدومه العراق في أول ولايته إياه والخطبة مشهورة من جملتها أنه قال إن أمير المؤمنين نثل كنانته وعجمها عودا عودا فرآني أصلبها نجارا وأقومها عودا وأنفذها نصلا فقوله نثل