وهذا الموضع فيه دقة غموض وحرف التشبيه يحسن في الأول دون الثاني .
وأما القسم الذي يكون العدول فيه عن الحقيقة إلى المجاز لغير مشاركة بين المنقول والمنقول إليه فذلك لا يكون إلا لطلب التوسع في الكلام وهو سبب صالح إذ التوسع في الكلام مطلوب .
وهو ضربان أحدهما يرد على وجه الإضافة واستعماله قبيح لبعد ما بين المضاف والمضاف إليه وذاك لأنه يلتحق بالتشبيه المضمر الأداة وإذا ورد التشبيه ولا مناسبة بين المشبه والمشبه به كان ذلك قبيحا ولا يستعمل هذا الضرب من التوسع إلا جاهل بأسرار الفصاحة والبلاغة أو ساه غافل يذهب به خاطره إلى استعمال ما لا يجوز ولا يحسن كقول أبي نواس .
( بُحَّ صَوْتُ المَالِ مِمَّا ... مِنْكَ يَشْكُو وَيَصِيحُ ) .
فقوله بح صوت المال من الكلام النازل بالمرة ومراده من ذلك أن المال يتظلم من إهانتك إياه بالتمزيق فالمعنى حسن والتعبير عنه قبيح وما أحسن ما قال مسلم بن الوليد في هذا المعنى .
( تَظلَّمَ المَالُ والأَعْدَاءُ مِنْ يَدِهِ ... لا زَالَ لِلْمَالِ وَالأَعْداءٍ ظلامَاً ) .
وكذلك ورد قول أبي نواس أيضا