وقال إن لفظة سويداواتها طويلة فلهذا قبحت وليس الأمر كما ذكره فإن قبح هذه اللفظة لم يكن بسبب طولها وإنما هو لأنها في نفسها قبيحة وقد كانت وهي مفردة حسنة فلما جمعت قبحت لا بسبب الطول والدليل على ذلك أنه قد ورد في القرآن الكريم ألفاظ طوال وهي مع ذلك حسنة كقوله تعالى ( فسيكفيكهم الله ) فإن هذه اللفظة تسعة أحرف وكقوله تعالى ( ليستخلفنهم في الأرض ) فإن هذه اللفظة عشرة أحرف وكلتاهما حسنة رائقة ولو كان الطول مما يوجب قبحا لقبحت هاتان اللفظتان وليس كذلك ألا ترى أنه لو أسقط من لفظة سويداواتها الهاء والألف اللتين هما عوض عن الإضافة لبقي منها ثمانية أحرف ومع هذا فإنها قبيحة ولفظة ليستخلفنهم عشرة أحرف وهي أطول منها بحرفين ومع هذا فإنها حسنة رائقة .
والأصل في هذا الباب ما أذكره وهو أن الأصول من الألفاظ لا تحسن إلا في الثلاثي وفي بعض الرباعي كقولنا عذب وعسجد فإن هاتين اللفظتين إحداهما ثلاثية والأخرى رباعية وأما الخماسي من الأصول فإنه قبيح ولا يكاد يوجد منه شيء حسن كقولنا جحمرش وصهصلق وما جرى مجراهما وكان ينبغي على ما ذكره ابن سنان أن تكون هاتان اللفظتان حسنتين واللفظتان الواردتان في القرآن قبيحتين لأن تلك تسعة أحرف وعشرة وهاتان خمسة وخمسة ونرى الأمر بالضد مما ذكره وهذا لا يعتبر فيه طول ولا قصر وإنما يعتبر نظم تأليف الحروف بعضها مع بعض وقد تقدم الكلام على ذلك ولهذا لا يوجد في القرآن من الخماسي الأصول شيء إلا ما كان من اسم نبي عرب اسمه ولم يكن في الأصل عربيا نحو إبراهيم وإسماعيل .
ومما يدخل في هذا الباب أن تجتنب الألفاظ المؤلفة من حروف يثقل النطق بها سواء كانت طويلة أو قصيرة ومثال ذلك قول امرئ القيس في قصيدته اللامية التي هي من جملة القصائد السبع الطوال