( أَعْزِرْ عَلَيَّ بأَنْ أَرَاكَ وَقَدْ خَلاَ ... عَنْ جَانِبَيْكَ مَقَاعِدُ العُوَّادِ ) .
وقد ذكر ابن سنان الخفاجي هذا البيت في كتابه فقال إن إيراد هذه اللفظة في هذا الموضع صحيح إلا أنه موافق لما يكره ذكره في مثل هذا الشعر لا سيما وقد أضافه إلى من يحتمل إضافته إليه وهو العواد ولو انفرد لكان الأمر فيه سهلا فأما الإضافة إلى من ذكره ففيها قبح لا خفاء به هذا حكاية كلامه وهو مرضي واقع في موقعه ولنذكر نحن ما عندنا في ذلك فنقول قد جاءت هذه اللفظة المعيبة في الشعر في القرآن الكريم فجاءت حسنة مرضية وهي قوله تعالى ( وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ) وكذلك قوله تعالى ( وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) ألا ترى أنها في هاتين الآيتين غير مضافة إلى من تقبح إضافته إليه كما جاءت في الشعر ولو قال الشاعر بدلا من مقاعد العواد مقاعد الزيارة أو ما جرى مجراه لذهب ذلك القبح وزالت تلك الهجنة ولهذا جاءت هذه اللفظة في الآيتين على ما تراه من الحسن وجاءت على ما تراه من القبح في قول الشريف الرضي .
وعلى هذا ورد قول تأبط شرا .
( أَقُولُ لِلِحْيَانٍ وَقَدْ صَفِرَتْ لَهُمْ ... وِطَابِي وَيَوْمِي ضَيِّقُ الْجُحْرِ مُعْوِرُ ) .
فإنه أضاف الجحر إلى اليوم فأزال عنه هجنة الاشتباه لأن الجحر يطلق على