وكقوله .
( وََأنْمَرُ الْجِلْدَةِ صَيَّرْتُهُ ... في النَّاسِ زَاغاً وَشِقِرَّاقَا ) .
( ما زِلْتُ أُجْرِي كَلكي فَوْقَهُ ... حَتَّى دَعَا مِنْ تَحْتِهِ قَاقَا ) .
وكقوله .
( وَمُلِحَّة بِالْعَذْلِ تَحْسَبُ أَنَّني ... بِالْجَهْلِ أَتْرُكُ صُحْبَةَ الشُّطَّار ) .
وقد استعمل لفظة الشاطر والشاطرة والشطار كثيرا وهي من الألفاظ ابتذلها العامة حتى سئمت من ابتذالها .
وهذه الأمثلة تمنع الواقف عليها من استعمال أشباهها وأمثالها .
ومن أوصاف الكلمة ألا تكون مشتركة بين معنيين أحدهما يكره ذكره وإذا وردت وهي غير مقصود بها ذلك المعنى قبحت وذلك إذا كانت مهملة بغير قرينة تميز معناها عن القبح فأما إذا جاءت ومعها قرينة فإنها لا تكون معيبة كقوله تعالى ( فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) ألا ترى أن لفظة التعزير مشتركة تطلق على التعظيم والإكرام وعلى الضرب الذي هو دون الحد وذلك نوع من الهوان وهما معنيان ضدان فحيث وردت في هذه الآية جاء معها قرائن من قبلها ومن بعدها فخصت معناها بالحسن وميزته عن القبيح ولو وردت مهملة بغير قرينة وأريد بها المعنى الحسن لسبق إلى الوهم ما اشتملت عليه من المعنى القبيح .
مثال ذلك لو قال قائل لقيت فلانا فعزرته لسبق إلى الفهم أنه ضربه وأهانه ولو قال لقيت فلانا فأكرمته وعزرته لزال ذلك اللبس .
واعلم أنه قد جاء من الكلام ما معه قرينة فأوجب قبحه ولو لم تجيء معه لما استقبح كقول الشريف الرضي