وربما وقع بعض الجهال في هذا الموضع فأدخل فيه ما ليس منه كقول أبي الطيب .
( مَا أَجْدَرَ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِي ... بأنْ تَقُولَ مَا لَهُ وَمَا لِي ) .
فإن لفظة لي ههنا قد وردت بعد ما وقبلها ما له ثم قال وما لي فجاء الكلام على نسق واحد ولو جاءت لفظة لي ههنا كما جاءت في البيت الأول لكانت منقطعة عن النظير والشبيه فكان يعلوها الضعف والركة وبين ورودها ههنا وورودها في البيت الأول فرق يحكم فيه الذوق السليم .
وههنا من هذا النوع لفظة أخرى قد وردت في آية من القرآن الكريم وفي بيت من شعر الفرزدق فجاءت في القرآن حسنة وفي البيت الشعر غير حسنة وتلك اللفظة هي لفظة القمل أما الآية فقوله تعالى ( فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات ) وأما البيت الشعر فقول الفرزدق .
( من عزه احتجرت كليب عنده ... زرباً كأَنَّهُمُ لَدَيْهِ الْقُمَّلُ ) .
وإنما حسنت هذه اللفظة في الآية دون هذا البيت من الشعر لأنها جاءت في الآية مندرجة في ضمن الكلام ولم ينقطع الكلام عندها وجاءت في الشعر قافية أي آخرا انقطع الكلام عندها .
وإذا نظرنا إلى حكمة أسرار الفصاحة في القرآن الكريم غصنا منه في بحر عميق لا قرار له