وفي الآية من القرآن فحطت من قدر البيت لضعف تركيبها وحسن موقعها في تركيب الآية .
فأنصف أيها المتأمل لما ذكرناه واعرضه على طبعك السليم حتى تعلم صحته وهذا موضع غامض يحتاج إلى فضل فكرة وإمعان نظر وما تعرض للتنبيه عليه أحد قبلي وهذه اللفظة التي هي تؤذي إذا جاءت في الكلام فينبغي أن تكون مندرجة مع ما يأتي بعدها متعلقة به كقوله تعالى ( إن ذلكم كان يؤذي النبي ) وقد جاءت في قول المتنبي منقطعة ألا ترى أنه قال ( تلذ له المروءة وهي تؤذي ... ) ثم قال ( ومن يعشق يلذ له الغرام ... ) فجاء بكلام مستأنف وقد جاءت هذه اللفظة بعينها في الحديث النبوي وأضيف إليها كاف الخطاب فأزال ما بها من الضعف والركة وذاك أنه اشتكى النبي فجاءه جبريل عليه السلام ورقاه فقال بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك فانظر إلى السر في استعمال اللفظة الواحدة فإنه لما زيد على هذه اللفظة حرف واحد أصلحها وحسنها ومن ههنا تزاد الهاء في بعض المواضع كقوله تعالى ( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابية ) ثم قال ( ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه ) فإن الأصل في هذه الألفاظ كتابي وحسابي ومالي وسلطاني فلما أضيفت الهاء إليها وتسمى هاء السكت أضافت إليها حسنا زائدا على حسنها وكستها لطافة ولباقة .
وكذلك ورد في القرآن الكريم ( إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ) فلفظة لي أيضا مثل لفظة يؤذي وقد جاءت في الآية مندرجة متعلقة بما بعدها وإذا جاءت منقطعة لا تجيء لائقة كقول أبي الطيب أيضا .
( تُمْسِي الأَمَانِيُّ صَرْعَى دُونَ مَبْلَغِهِ ... فَمَا يَقُولُ لِشَيْءٍ لَيْتَ ذلِكَ لِي )