فقيل لابي يعقوب هلا أكتفي بالامر بالتواصل عن النهي عن التقاطع او ليس الامر بالصلة هو النهي عن القطيعة قال او ما علمت ان الكناية والتعريض لا يعملان في العقول عمل الافصاح والتكشف .
قال وسئل ابن المقفع عن قول عمر بن الخطاب Bه ما يتصعدني كلام كما تصعدني خطبة النكاح قال ما أعرفه الا ان يكون اراد قرب الوجوه من الوجوه ونظر الحداق من قرب في اجواف الحداق ولانه اذا كان جالسا معهم كانوا كأنهم نظراء وأكفاء واذا علا المنبر صاروا سوقة ورعية وقد ذهب ذاهبون الى ان تأويل قول عمر يرجع الى ان الخطيب لا يجد بدا من تزكية الخاطب فلعله كره ان يمدحه بما ليس فيه فيكون قد قال زورا وغر القوم من صاحبه ولعمري ان هذا التأويل ليجوز اذا كان الخطيب موقوفا على الخطابة فأما عمر بن الخطاب Bه وأشباهه من الأئمة الراشدين رضوان الله تعالى عليهم اجمعين فلم يكونوا ليتكلفوا ذلك الا فيمن يستحق المدح .
وروى ابو مخنف عن الحارث الاعور قال والله لقد رأيت عليا وانه لخطب قاعدا كقائم ومحاربا كمسالم يريد بقوله قاعدا خطبة النكاح .
وقال الهيثم بن عدي لم تكن الخطباء تخطب قعودا الا في خطبة النكاح .
وكانوا يستحسنون ان يكون في الخطب يوم الحفل وفي الكلام يوم الجمع اي من القران فان ذلك مما يورث الكلام البهاء والوقار والرقة وحسن الموقع قال الهيثم قال عمران بن حطان ان اول خطبة خطبتها عند زياد - او قال عند ابن زياد - فأعجب بها زياد وشهدها عمي وأبي ثم اني مررت ببعض المجالس فسمعت رجلا يقول لبعضهم هذا الفتى أخطب العرب لو كان في خطبته شيء من القران .
واكثر الخطباء لا يتمثلون في خطبهم الطوال بشيء من الشعر ولا يكرهونه في الرسائل الا ان تكون الى الخلفاء وسمعت مؤمل بن خاقان - وذكر في خطبته تميم بن مر - فقال ان تميما له الشرف القديم العود والعز الاقعس والعدد الهيضل وهي في الجاهلية القدام والذروة والسنام وقد قال الشاعر