سمعت جعفر بن يحيى يقول لكتابه ان استطعتم ان يكون كلامكم كله مثل التوقيع فافعلوا وسمعت أبا العتاهية يقول لو شئت ان يكون حديثي كله شعرا موزونا لكان وقال اسحق بن حسان بن فوهة لم يفسر البلاغة تفسير ابن المقفع احد قط سئل ما البلاغة قال البلاغة اسم جامع لمعان تجري في وجوه كثيرة فمنها ما يكون في السكوت ومنها ما يكون في الاستماع ومنها ما يكون في الاشارة ومنها ما يكون في الحديث ومنها ما يكون في الاحتجاج ومنها ما يكون جوابا ومنها ما يكون ابتداء ومنها ما يكون شعرا ومنها ما يكون سجعا وخطبا ومنها ما يكون رسائل فعامة ما يكون من هذه الابواب الوحي فيها والاشارة الى المعنى والايجاز هو البلاغة فأما الخطب بين السماطين وفي اصلاح ذات البين فالاكثار في غير خطل والاطالة في غير املال وليكن في صدر كلامك دليل على حاجتك كما ان خير ابيات الشعر البيت الذي اذا سمعت صدره عرفت قافيته .
كأنه يقول فرق بين صدر خطبة النكاح وبين صدر خطبة العيد وخطبة الصلح وخطبة المواهب حتى يكون لكل فن من ذلك صدر يدل على عجزه فانه لا خير في كلام لا يدل على معناك ولا يشير الى مغزاك والى العمود الذي اليه قصدت والغرض الذي اليه نزعت .
قال فقيل له فان مل المستمع الاطالة التي ذكرت انهاحق ذلك الموقف قال اذا أعطيت كل مقام حقه وقمت بالذي يجب من سياسة ذلك المقام وأرضيت من يعرف حقوق الكلام فلا تهتم لما فاتك من رضا الحاسد والعدو فانه لا يرضيهما شيء وأما الجاهل فلست منه وليس منك ورضا جميع الناس شيء لا تناله وقد كان يقال رضا الناس شيء لا ينال .
قال والسنة في خطبة النكاح ان يطيل الخاطب ويقصر المجيب ألا ترى الى قيس بن خارجة بن سنان لما ضرب بصفيحة سيفه مؤخرة راحلتي الحاملين في شأن حمالة داحس والغبراء وقال مالي فيها ايها العشمتان قالا بل ما عندك قال عندي قرى كل نازل ورضا كل ساخط وخطبة من لدن تطلع الشمس الى ان تغرب آمر فيها بالتواصل وانهى فيها عن التقاطع .
قالوا فخطب يوما الى الليل فما أعاد فيها كلمة ولا معنى