ولا بد له من قرينة إما لفظية كما سبق في قول أبي النجم أو غير لفظية كاستحالة صدور المسند من المسند إليه المذكور أو قيامه به عقلا كقولك محبتك جاءت بي إليك أو عادة كقولك هزم الأمير الجند وكسا الخليفة الكعبة وبنى الوزير القصر وكصدور الكلام من الموحد في مثل قوله أشاب الصغير البيت .
واعلم أنه ليس كل شيء يصلح لأن تتعاطى فيه المجاز العقلي بسهولة بل تجدك في كثير من الأمر تحتاج إلى أن تهيء الشيء وتصلحه له بشيء نتوخاه في النظم كقول من يصف جملا .
( تجوب له الظلماء عين كأنها ... زجاجة شرب غير ملأى ولا صفر ) .
يريد أن يهتدي بنور عينه في ا لظلماء ويمكنه بها أن يخرقها ويمضي فيها ولولاها لكانت الظلماء كالسد الذي لا يجد السائر شيئا يفرجه به ويجعل لنفسه فيه سبيلا فلولا أنه قال تجوب له فعلق له بتجوب لما تبين جهة التجوز في جعل الجوب فعلا للعين كما ينبغي لأنه لم يكن حينئذ في الكلام دليل على أن اهتداء صاحبها في الظلمة ومضيه فيها بنورها وكذلك لو قال تجوب له الظلماء عينه لم يكن له هذا الموقع ولا تقطع السلك من حيث كان يعيبه حينئذ أن يصف العين بما وصفها به واعلم أن الفعل المبني للفاعل في المجاز العقلي واجب أن يكون له فاعل في التقدير إذا أسند إليه صار الإسناد حقيقة لما يشعر بذلك تعريفه كما سبق وذلك قد يكون ظاهرا كما في قوله تعالى ( فما ربحت تجارتهم ) أي فما ربحوا