في تجارتهم وقد يكون خفيا لا يظهر إلا بعد نظر وتأمل كما في قولك سرتني رؤيتك أي سرني الله وقت رؤيتك كما تقول أصل الحكم في أنبت الربيع البقل أنبت الله البقل وقت الربيع وفي شفى الطبيب المريض شفى الله المريض عند علاج الطبيب وكما في قولك أقدمني بلدك حق لي على فلان أقدمتني نفسي بلدك لأجل حق لي على فلان أي قدمت لذلك ونظيره محبتك جاءت بي إليك أي جاءت بي نفيس إليك لمحبتك أي جئتك لمحبتك وإنما قلنا أن الحكم فيهما مجاز لأن الفعلين فيهما مسندان إلى الداعي والداعي لا يكون فاعلا .
وكما في قول الشاعر .
( وصيرني هواك وبي ... لحيني يضرب المثل ) .
أي وصيرني الله لهواك وحالي هذه أي أهلكني الله ابتلاء بسبب هواك .
وكما في قول الآخر وهو أبو نواس .
( يزيدك وجهه حسنا ... إذا ما زدته نظرا ) .
أي يزيدك الله حسنا في وجهه لما أودعه من دقائق الجمال متى تأملت .
وأنكر السكاكي وجود المجاز العقلي في الكلام وقال الذي عندي نظمه في سلك الاستعارة بالكناية بجعل الربيع استعارة بالكناية عن الفاعل الحقيقي بواسطة المبالغة في التشبيه على ما عليه مبني الاستعارة كما سيأتي وجعل نسبة الإنبات إليه قرينة للاستعارة