ومثلها في الحسن وعلو الطبقة في هذه اللفظة بعينها قول ابن المعتز .
( سالت عليه شعاب الحي حين دعا ... أنصاره بوجوه كالدنانير ) .
أراد أنه مطاع في الحي وأنهم يسرعون إلى نصرته وأنه لا يدعوهم لخطب إلا أتوه وكثروا عليه وازدحموا حواليه حتى تجدهم كالسيول تجيء من ههنا وههنا وتنصب من هذا المسيل وذاك حتى يغص بها الوادي ويطفح منها وهذا شبه معروف ظاهر ولكن حسن التصرف فيه أفاد اللطف والغرابة وذلك أن أسند الفعل إلى الأباطح والشعاب دون المطي أو أعناقها والأنصار أو وجوههم حتى أفاد أنه امتلأت الأباطح من الإبل والشعاب من الرجال على ما تقدم في قوله تعالى ( واشتعل الرأس شيبا ) وفي كل واحد منهما شيء غير الذي في الآخر يؤكد أمر الدقة والغرابة أما الذي في الأول فهو أنه أدخل الأعناق في السير فإن السرعة والبطء في سير الإبل يظهران غالبا في أعناقها على ما مر وأما الذي في الثاني فهو أنه قال عليه فعدي الفعل إلى ضمير الممدوح بعلى فأكد مقصوده من كونه مطاعا في الحي وكما في قوله .
( فرعاء إن نهضت لحاجتها ... عجل القضيب وأبطأ الدعص ) .
إذ وصف القضيب بالعجلة والدعص بالبطء .
وقد تحصل الغرابة بالجمع بين عدة استعارات لإلحاق الشكل بالشكل كقول امرىء القيس .
( فقلت له لما تمطى بصلبه ... وأردف إعجازا وناء بكلكل )