وأراد وصف الليل بالطول فاستعار له صلبا يتمطى به إذ كان كل ذي صلب يزيد في طوله عند تمطيه شيء وبالغ في ذلك بأن جعل له أعجازا يردف بعضها بعضا ثم أراد أن يصفه بالثقل على قلب ساهرة والضغط لمكابده فاستعار له كلكلا ينوء به أي يثقل به وقال الشيخ عبد القاهر لما جعل لليل صلبا قد تمطى به ثنى ذلك فجعله أعجازا قد أردف بها الصلب وثلث فجعل له كلكلا قد ناء به فاستوفى له جملة أركان الشخص وراعى ما يراه الناظر من سواده إذا نظر قدامه وإذا نظر خلفه وإذا رفع البصر ومده في عرض الجو .
وأما باعتبار الثلاثة أعني الطرفين والجامع فستة أقسام استعارة محسوس لمحسوس بوجه حسي أو بوجه عقلي أو بما بعضه حسي وبعضه عقلي واستعارة معقول لمعقول واستعارة محسوس لمعقول واستعارة معقول لمحسوس كل ذلك بوجه عقلي لما مر .
أما استعارة محسوس لمحسوس بوجه حسي فكقوله تعالى ( فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار ) فإن المستعار منه ولد البقرة والمستعار له الحيوان الذي خلقه الله تعالى من حلي القبط التي سبكتها نار السامري عند إلقائه فيها التربة التي أخذها من موطىء حيزوم فرس جبرائيل عليه السلام والجامع لهما الشكل والجميع حسي وكقوله تعالى ( وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ) فإن المستعار منه حركة الماء على الوجه المخصوص والمستعار له حركة الإنس والجن أو يأجوج ومأجوج وهما حسيان والجامع لهما ما يشاهد من شدة الحركة