بحال النبات يكون أخضر وارقا ثم يهيج فتطيره الرياح كأن لم يكن وأما قوله D ( يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله ) فليس منه لأن المعنى كونوا أنصار الله كما كان الحواريون أنصار عيسى حين قال لهم من أنصاري إلى الله وقد يذكر فعل ينبىء عن التشبيه كعلمت في كقولك علمت زيدا أسدا ونحوه هذا إذا قرب التشبيه فإن بعد أدنى تبعيد قيل خلته وحسبته ونحوهما وأما الغرض من التشبيه فيعود في الأغلب إلى المشبه وقد يعود إلى المشبه به أما الأول فيرجع إلى وجوه مختلفة منها بيان أن وجود المشبه ممكن وذلك في كل أمر غريب يمكن أن يخالف فيه ويدعي امتناعه كما في قول أبي الطيب .
( فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإن المسك بعض دم الغزال ) .
أراد أنه فاق الأنام في الأوصاف الفاضلة إلى حد بطل معه أن يكون واحدا منهم بل صار نوعا آخر برأسه أشرف من الإنسان وهذا أعنى أن يتناهى بعض أفراد النوع في الفضائل إلى أن يصير كأنه ليس منها أمر غريب يفتقر من يدعيه إلى إثبات جواز وجوده على الجملة حتى يجيء إلى إثبات وجوده في الممدوح فقال فإن المسك بعض دم الغزال أي ولا يعد في الدماء لما فيه من الأوصاف الشريفة التي لا يوجد شيء منها في الدم وخلوه من الأوصاف التي لها كان الدم دما فأبان أن لما ادعاه أصلا في الوجود على الجملة ومنها بيان حاله كما في تشبيه ثوب بثوب آخر في السواد إذا علم لون المشبه به دون