لهذه التشبيهات نسق مخصوص بل لو قدم التشبيه بالبحر أو التشبيه بالسيف جاز ولو أسقط واحد من الثلاثة لم يتغير حال غيره في إفادة معناه بخلاف المركب فإن المقصور منه يختل بالسقاط بعض الأمور والمتعدد الحسي كاللون والطعم والرائحة في تشبيه فاكهة بأخرى والمتعدد العقلي كحدة النظر وكمال الحذر وإخفاء السفاد في تشبيه طائر بالغراب والمتعدد المختلف كحسن الطلعة ونباهة الشأن في تشبيه إنسان بالشمس .
واعلم أن الطريق في اكتساب وجه الشبه أن يميز عما عداه فإذا أردت أن تشبه جسما بجسم في هيئة حركة وجب أن تطلب الوفاق بين الهيئة والهيئة مجردتين عن الجسم وسائر أوصافه من اللون وغيره كما فعل ابن المعتز في تشبيه البرق فإنه لم ينظر إلى شيء من أوصافه سوى الهيئة التي تجدها العين من انبساط يعقبه انقباض وأما أداته فالكاف في نحو قولك زيد كالأسد وكأن في نحو قولك زيد كأنه أسد ومثل في نحو قولك زيد مثل الأسد وما في معنى مثل كلفظه نحو وما يشتق من لفظه مثل وشبه ونحوهما والأصل في الكاف ونحوها أن يليها المشبه به وقد يليها مفرد لا يتأتى التشبيه به وذلك إذا كان المشبه به مركبا كقوله تعالى ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح ) إذ ليس المراد تشبيه حال الدنيا بالماء ولا بمفرد آخر يتمحل لتقديره بل المراد تشبيه حالها في نضارتها وبهجتها وما يتعقبها من الهلاك والفناء