بهذا القول ومعلوم أن الغرض من ذكره عقيب نعمة غير الغرض من ذكره عقيب نعمة أخرى فإن قيل قد عقب بهذا القول ما ليس بنعمة كما في قوله ( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ) وقوله ( هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن ) قلنا العذاب وجهنم وإن لم يكونا من آلاء الله تعالى فإن ذكرهما ووصفهما على طريق الزجر عن المعاصي والترغيب في الطاعات من آلائه تعالى ونحوه قوله ( ويل يومئذ للمكذبين ) لأنه تعالى ذكر قصصا مختلفة وأتبع كل قصة بهذا القول فصار كأنه قال عقب كل قصة ويل يومئذ للمكذبين بهذه القصة وإما بالإيغال واختلف في معناه فقيل هو ختم البيت بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها كزيادة المبالغة في قول الخنساء .
( وإن صخرا لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار ) .
لم ترض أن تشبهه بالعلم الذي هو الجبل المرتفع المعروف بالهداية حتى جعلت في رأسه نارا وقول ذي الرمة .
( قف العيس في أطلال مية واسأل ... رسوما كأخلاق الرداء المسلسل ) .
( أظن الذي يجدي عليك سؤالها ... دموعا كتبذير الجمان المفصل ) .
وكتحقيق التشبيه في قول امرىء القيس .
( كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب )