فإنه لما أتى على التشبيه قبل ذكر القافية واحتاج إليها جاء بزيادة حسنة في قوله لم يثقب لأن الجزع إذا كان غير مثقوب كأن أشبه بالعيون .
ومثله قول زهير .
( كأن فتات العهن في كل منزل ... نزلن به حب الفنا لم يحطم ) .
فإن حب الفنا أحمر الظاهر أبيض الباطن فهو لا يشبه الصوف الأحمر إلا ما لم يحطم وكذا قول امرىء القيس .
( حملت ردينيا كأن سنانه ... سنا لهب لم يتصل بدخان ) كما سيأتي وقيل لا يختص بالنظم مثل قوله تعالى ( اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ) .
وأما بالتذليل وهو تعقيب الجملة بحملة تشتمل على معناها للتوكيد وهو ضربان ضرب لا يخرج مخرج المثل لعدم استقلاله بإفادة المراد وتوقفه على ما قبله كقوله تعالى ( ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور ) إن قلنا إن المعنى وهل يجازى ذلك الجزاء .
وقال الزمخشري وفيه وجه آخر وهو أن الجزاء عام لكل مكافأة يستعمل تارة في معنى المعاقبة وأخرى في معنى الإثابة فلما استعمل في معنى المعاقبة في قوله جزيناهم بما كفروا بمعنى عاقبناهم بكفرهم قيل وهل يجازى إلا الكفور بمعنى وهل يعاقب فعلى هذا يكون من الضرب الثاني وقول الحماسي .
( فدعوا نزال فكنت أول نازل ... وعلام أركبه إذا لم أنزل )