ومنزلة النعت من متبوعه في بعض قلنا لأن بدل الكل لا ينفصل عن التأكيد إلا بأن لفظه غير لفظ متبوعه وأنه مقصود بالنسبة دون متبوعه بخلاف التأكيد والنعت لا ينفصل عن عطف البيان إلا بأنه يدل على بعض أحوال متبوعة لا عليه وعطف البيان بالعكس وهذه كلها اعتبارات لا يتحقق شيء منها فيما نحن بصدده وأما كون الثانية بمنزلة المنقطعة عن الأولى فلكون عطفها عليها موهما لعطفها على غيرها ويسمى الفصل لذلك قطعا مثال قول الشاعر .
( وتظن سلمى أنني أبغي بها ... بدلا أراها في الضلال تهيم ) .
لم يعطف أراها على تظن لئلا يتوهم السامع أنه معطوف على أبغي لقربه منه مع أنه ليس بمراد ويحتمل الاستئناف وقسم السكاكي القطع إلى قسمين أحدهما القطع للاحتياط وهو ما لم يكن لمانع من العطف كما في هذا البيت والثاني القطع للوجوب وهو ما كان لمانع ومثله بقوله تعالى ( الله يستهزىء بهم ) قال لأنه لو عطف لعطف إما على جملة قالوا وإما على جملة إنا معكم وكلاهما لا يصح لما مر وكذا قوله ( ألا إنهم هم المفسدون ) وقوله ( ألا إنهم هم السفهاء ) وفيه نظر لجواز أن يكون المقطوع في المواضع الثلاثة معطوفا على الجملة المصدرة بالظرف وهذا القسم لم يبين امتناعه وأما كونها بمنزلة المتصلة بها فلكونها جوابا عن سؤال اقتضته الأولى فتنزل منزلته