( أقول له ارحل لا تقيمن عندنا ... وإلا فكن في السر والجهر مسلما ) .
فإن المراد به كمال إظهار الكراهة لإقامته بسبب خلاف سره العلن وقوله لا تقيمن عندنا أوفى بتأديته لدلالته عليه بالمطابقة مع التأكيد بخلاف ارحل ووزان الثانية من كل واحد من الآية والبيت وزان حسنها في قولك أعجبتني الدار حسنها لأن معناها مغاير لمعنى ما قبلها وغير داخل فيه مع ما بينهما من الملابسة .
الثالث أن تكون الثانية بيانا للأولى وذلك بأن تنزل منها منزلة عطف البيان من متبوعه في إفادة الإيضاح والمقتضى للتبيين أن يكون في الأولى نوع خفاء مع اقتضاء المقام إزالته كقوله تعالى ( فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) فصل جملة قال عما قبلها لكونها تفسيرا له وتبيينا ووزانه وزان عمر في قوله .
( أقسم بالله أبو حفص عمر ... ) .
وأما قوله تعالى ( ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم ) فيحتمل التبيين والتأكيد أما التبيين فلأنه يمتنع أن يخرج من جنس البشر ولا يدخل في جنس آخر فإثبات الملكية له تبيين لذلك الجنس وتعيين وأما التأكيد فلأنه إذا كان ملكا لم يكن بشرا ولأنه إذا قيل في العرف لإنسان ما هذا بشرا حال تعظيم له وتعجب مما يشاهد منه من حسن خلق أو خلق كان الغرض أنه ملك بطريق الكناية فإن قيل هلا نزلتم الثانية منزلة بدل الكل من متبوعه في بعض الصور