العذاب بأنه مهين لشدته وفظاعة شأنه أراد أن يصور كنهه فقال من فرعون أي أتعرفون من هو في فرط عتوه وتجبره ما ظنكم بعذاب يكون هو المعذب به ثم عرف حاله بقوله ( إنه كان عاليا من المسرفين ) ومنها الاستبعاد نحو ( أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون ) ومنها التوبيخ والتعجب جميعا كقوله تعالى ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ) أي كيف تكفرون والحال أنكم عالمون بهذه القصة أما التوبيخ فلأن الكفر مع هذه الحال ينبىء عن الانهماك في الغفلة أو الجهل وأما التعجيب فلأن هذه الحال تأبى أن لا يكون للعاقل علم بالصانع وعلمه به يأبى أن يكفر وصدور الفعل مع الصارف القوي مظنة تعجب ونظيره ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب ) .
ومن أنواع الإنشاء الأمر والأظهر أن صيغته من المقترنة باللام نحو ليحضر زيد وغيرها نحو أكرم عمرا ورويد بكرا موضوعه لطلب الفعل استعلاء لتبادر الذهن عند سماعها إلى ذلك وتوقف ما سواه على القرينة .
قال السكاكي ولإطباق أئمة اللغة على إضافتها إلى الأمر بقولهم صيغة الأمر ومثال الأمر ولام الأمر وفيه نظر لا يخفى على المتأمل ثم إنها أعني صيغة الأمر قد تستعمل في غير طلب الفعل