( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى ) قدم فيه المجرور لاشتماله ما قبله على سوء معاملة أهل القرية الرسل من إصرارهم على تكذيبهم فكان مظنة أن يلعن السامع على مجرى العادة تلك القرية ويبقى مجيلا في فكره أكانت كلها كذلك أم كان فيها قطر دان أم قاص منبت خير منتظرا لإلمام الحديث به بخلاف ما في سورة القصص أو كما إذا وعدت ما تبعد وقوعه من جهتين إحداهما أدخل في تبعيده من الأخرى فإنك حال التفات خاطرك إلى وقوعه باعتبارهما تجد تفاوتا في إنكارك إياه قوة وضعفا بالنسبة ولامتناع إنكاره بدون القصد إليه يستتبع تفاوته ذلك تفاوتا في القصد إليه والاعتناء بذكره فالبلاغة توجب أنك إذا أنكرت تقول في الأول شيء حاله في البعد عن الوقوع هذه أنى يكون لقد وعدت هذا أنا وأبي وجدي فتقدم المنكر على المرفوع وفي الثاني لقد وعدت أنا وأبي وجدي هذا فتؤخر وعليه قوله تعالى في سورة النمل ( لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا ) وقوله تعالى في سورة المؤمنين ( لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا ) فإن ما قبل الأولى ( ءإذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون ) وما قبل الثانية ( ءإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ) فالجهة المنظور فيها هناك كونهم أنفسهم وآباؤهم ترابا والجهة المنظور فيها هنا كونهم ترابا وعظاما ولا شبهة أن الأولى أدخل عندهم في تبعيد البعث أو كما إذا عرفت في التأخير مانعا كما في قوله تعالى في سورة المؤمنون ( وقال الملأ من قومه