الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم ) بتقديم المجرور على الوصف لأنه لو أخر عنه وأنت تعلم أن تمام الوصف بتمام ما يدخل في صلة الموصول وتمامه وأترفناهم في الحياة الدنيا لاحتمل أن يكون من صلة الدنيا .
واشتبه الأمر في القائلين أنهم من قومه أم لا بخلاف قوله تعالى في موضع آخر منها ( فقال الملأ الذين كفروا من قومه ) فإنه جاء على الأصل لعدم المانع وكما في قوله تعالى في سورة طه ( آمنا برب هارون وموسى ) للمحافظة على الفاصلة بخلاف قوله تعالى في سورة الشعراء ( رب موسى وهارون ) وفيما ذكره نظر من وجوه أحدهما أنه جعل تقديم لله على شركاء للعناية والاهتمام وليس كذلك فإن الآية مسوقة للإنكار التوبيخي فيمتنع أن يكون تعلق جعلوا بالله منكرا من غير اعتبار تعلقه بشركاء إذ لا ينكر أن يكون جعل ما متعلقا به فيتعين أن يكون إنكار تعلقه به باعتبار تعلقه بشركاء وتعلقه بشركاء كذلك منكر باعتبار تعلقه بالله فلم يبق فرق بين التلاوة وعكسها وقد علم بهذا أن كل فعل متعد إلى مفعولين لم يكن الاعتناء بذكر أحدهما إلا باعتبار تعلقه بالآخر إذا قدم أحدهما على الآخر لم يصح تعليل تقديمه بالعناية وثانيها أنه جعل التقديم للاحتراز عن الإخلال ببيان المعنى والتقديم للرعاية على الفاصلة من القسم الثاني وليسا منه وثالثها أن تعلق قومه بالدنيا على تقدير تأخره غير معقول المعنى إلا على وجه بعيد