وقسم السكاكي التقديم للعناية مطلقا قسمين أحدهما أن يكون أصل ما قدم في الكلام هو التقديم ولا مقتضى للعدول عنه كالمبتدأ المعرف فإن أصله التقديم على الخبر نحو زيد عارف وكذا الحال المعرف فإن أصله التقديم على الحال نحو جاء زيد راكبا وكالعامل فإن أصله التقديم على معموله نحو عرف زيد عمرا وكان زيد عارفا وإن زيدا عارف وكالفاعل فإن أصله التقديم على المفعولات وما يشبهها من الحال والتمييز نحو ضرب زيد الجاني بالسوط يوم الجمعة أمام بكر ضربا شديدا تأديبا له ممتلئا من الغضب وامتلأ الإناء ماء وكالذي يكون في حكم المبتدأ من مفعولي باب علمت نحو علمت زيدا منطلقا أو في حكم الفاعل من مفعولي باب أعطيت وكسوت نحو أعطيت زيدا درهما وكسوت عمرا جبة وكالمفعول المتعدى إليه بغير واسطة فإن أصله التقديم على المتعدي إليه بواسطة نحو ضربت الجاني بالسوط وكالتوابع فإن أصلها أن تذكر بعد المتبوعات .
وثانيهما أن تكون العناية بتقديمه والاعتناء بشأنه لكونه في نفسه نصب عينك والتفات خاطرك إليه في التزايد كما تجدك قد منيت بهجر حبيبك وقيل لك ما تتمنى تقول وجه الحبيب أتمنى وعليه قوله تعالى ( وجعلوا لله شركاء ) أي على القول بأن لله شركاء مفعولا جعلوا أو لعارض يورثه ذلك .
كما إذا توهمت أن مخاطبك ملتفت الخاطر إليه ينتظر أن تذكره فيبرز في معرض أمر يتجدد في شأنه التقاضي ساعة فساعة فمتى تجد له مجالا للذكر صالحا أوردته نحو قوله تعالى