الظرف وكان بشار صديقا لسيدها ومداحا له فحضر مجلسه يوما والجارية تغني فسر بحضوره وشرب حتى سكر ونام ونهض بشار فقالت يا أبا معاذ أحب أن تذكر يومنا هذا في قصيدة ولا تذكر فيها اسمي ولا اسم سيدي وتكتب بها إليه فانصرف وكتب إليه .
( وذاتِ دَلٍّ كأن البدرَ صُورَتُها ... باتَتْ تُغنّي عميدَ القلبِ سكرانَا ) .
( إنّ العيونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ ... قَتَلْننا ثم لم يُحيِينَ قتلانَا ) .
( فقلتُ أَحسنْتِ يا سُؤْلِي ويا أملي ... فأسمِعيني جزاكِ اللهُ إحسانَا ) .
( يا حبّذَا جبلُ الرّيان من جبلٍ ... وحبّذا ساكنُ الريّانِ مَنْ كانَا ) .
( قالتْ فهلاّ فَدتكَ النفسُ أحسن مِنْ ... هذا لِمَنْ كان صبَّ القلبِ حَيرانَا ) .
( يا قوم أُذْنِي لبعض الحيِّ عاشِقَةٌ ... والأذن تَعشَقُ قبل العين أحيانَا ) .
( فقلتُ أحسنتِ أنتِ الشمسُ طالعةً ... أضرَمْتِ في القلب والأحشاءِ نيرانَا ) .
( فأسمِعينِيَ صوتاً مُطرِباً هَزَجاً ... يزيدُ صَبّاً مُحِبّاً فيكِ أشجانَا ) .
( يا ليتني كنتُ تُفّاحاً مُفَلَّجةً ... أو كنتُ من قُضبِ الريحان رَيحانا ) .
( حتى إذا وَجَدَتْ ريحي فأعجبَها ... ونحن في خَلوةٍ مُثِّلْتُ إنسانَا ) .
( فحرّكَتْ عُودَها ثم انثنَتْ طَرَباً ... تَشْدُو به ثم لا تُخفِيه كتمانَا ) .
( أصبَحْتُ أطوعَ خَلق الله كُلِّهِمِ ... لأكثرِ الخلق لي في الحبّ عِصيانَا ) .
( فقلتُ أطربْتِنا يا زَيْنَ مجلِسَنا ... فهاتِ إنكِ بالإحسانِ أولاَنَا )