قدم عمارة البصرة أيام الواثق فأتاه علماء البصرة وأنا معهم وكنت غلاما فأنشدهم قصيدة يمدح فيها الواثق فلما بلغ إلى قوله .
( وبقِيتُ في السَّبعين أنهضُ صاعداً ... فمَضَى لداتي كلُّهم فَتشعّبُوا ) .
بكى على ما مضى من عمره فقالوا له أملها علينا قال لا أفعل حتى أنشدها أمير المؤمنين فإني مدحت رجلا مرة بقصيدة فكتبها مني رجل ثم سبقني بها إليه ثم خرج إلى الواثق فلما قدم أتوه وأنا معهم فأملاها عليهم .
ثم حدثهم فقال أدخلني إسحاق بن إبراهيم على الواثق فأمر لي بخلعة وجائزة فجاءني بهما خادم فقلت قد بقي من خلعتي شيء قال وما بقي قلت خلع علي المأمون خلعة وسيفا .
فرجع إلى الواثق فأخبره فأمره بإدخالي فقال يا عمارة ما تصنع بسيف أتريد أن تقتل به بقية الأعراب الذين قتلتهم بمقالك قلت لا والله يا أمير المؤمنين ولكن لي شريك في نخيل لي باليمامة ربما خانني فيه فلعلي أجربه عليه فضحك وقال نأمر لك به قاطعا فدفع إلي سيفا من سيوفه .
أخبرنا الصولي قال حدثني يزيد بن محمد المهلبي قال .
حدثني النخعي قال .
لما قدم عمارة إلى بغداد قال لي كلم لي المأمون وكان النخعي من ندماء المأمون قال فما زلت أكلمه حتى أوصلته إليه فأنشده هذه القصيدة .
( حتّامَ قلبُك بالحِسانِ مُوكل ... كلِفٌ بهِنَّ وهنَّ عنهُ ذُهّلُ ) .
فلما فرغ قال لي يا نخعي ما أدري أكثر ما قال إلا أن أقيسه وقد أمرت له لكلامك فيه بعشرين ألف درهم