وقد أصاب أول النهار أهل ماء يقال له حصف وفيه سيد بني الجلاح مصاد ابن المغيرة بن أبي جبلة فأسره فأتى به قرقيسيا ثم من عليه وقتل عفيف ابن حسان بن حصين من بني الجلاح ثم مضى زفر إلى المصيخ فاجتمع من بها إلى عمير بن حسان بن عمر بن جبلة فامتنعوا فقال لهم زفر إني لا أريد دماءكم فأعطوا بأيديكم .
فأبوا وقاتلوا فقتل منهم جماعة كثيرة وقتل معهم رجلان من تغلب يقال لأحدهما جساس والآخر غني وهو أبو جساس .
وقد قالت له امرأته يا أبا جساس هؤلاء قومك فأتهم حين اجتمعوا وامتنعوا فقال اليوم نزاري وأمس كلبي ما أنا بمفارقهم فقاتل حتى قتل فكانت القتلى يوم المصيخ من كلب ثمانية عشر رجلا والتغلبيين وبقى الماء ليس فيه إلا النساء .
فلما انصرف عنهم زفر أراد النساء أن يجررن القتلى إلى بئر يقال لها كوكب .
فلما أردن أن يجررن رجلا قالت وليته من النساء لا يكون فلان تحت رجالكن كلهم فأتت أم عمير بن حسان وهي كيسة بنت أبي فأعلقت في رجله رداءها ثم قالت اجسر عمير فإن أباك كان جسورا ثم ألقت عليه التراب والحطب ليكون بينه وبين أصحابه شيء .
ثم جعلن كلما ألقين رجلا ألقين عليه التراب والحطب حتى وارتهم القليب .
ولما بلغ حميد بن حريث بن بحدل ما لقي قومه أقبل حتى أتى تدمر ليجمع أصحابه وليغير على قيس .
فلما وقعت الدماء نهض بنو نمير وهم يومئذ ببطن الجبل وهو على مياه لهم إلى حميد بن حريث بن بحدل حتى قدم وراءه يتهيأ للغارة واجتمعت إليه كلب وقالوا له إن كنت تبرئنا ببراءتنا وتعرف جوارنا أقمنا وإن كنت تتخوف علينا من