قال لي عمي ويحك ألا يأنف الخليفة لإبن عمه هذا الجاهل مما قد شهر به نفسه وفضح عشيرته والله إنه لعر بني آدم جميعا فضلا عن أهله والأدنين أفلا يردعه ويمنعه من سوء اختياره .
فقلت إنه ليس بجاهل كما تعتقد وإنما يتجاهل وإن له لأدبا صالحا وشعرا طيبا ثم أنشدته .
( لا أقول اللهُ يَظلِمني ... كيف أشكو غيرَ مُتَّهمِ ) .
( وإذا ما الدّهرُ ضَعْضعني ... لم تجِدْني كافرَ النِّعم ) .
( قنعتْ نفسي بما رُزِقَتْ ... وتناهَتْ في العلا هِمَمي ) .
( لَيس لي مالٌ سوى كرمي ... وبه أَمْنِي من العَدَمِ ) .
فقال لي ويحك فلم لا يلزم هذا وشبهه فقلت له والله يا عم لو رأيت ما يصل إليه بهذه الحماقات لعذرته فإن ما استملحت له لم ينفق به فقال عمي وقد غضب أنا لا أعذره في هذا ولو حاز به الدنيا بأسرها لا عذرني الله إن عذرته إذن .
وحدثني مدرك بن محمد الشيباني قال حدثني أبو العنبس الصيمري قال قلت لأبي العبر ونحن في دار المتوكل ويحك أيش يحملك على هذا السخف الذي قد ملأت به الأرض خطبا وشعرا وأنت أديب ظريف مليح الشعر فقال لي يا كشخان أتريد أن أكسد أنا وتنفق أنت أنت أيضا شاعر فهم متكلم فلم تركت العلم وصنعت في الرقاعة نيفا وثلاثين كتابا أحب أن تخبرني لو نفق العقل أكنت تقدم علي البحتري وقد قال في الخليفة بالأمس