أن الرشيد طلب من الناطفي جاريته فأبى أن يبيعها بأقل من مائة ألف دينار فقال أعطيك مائة ألف دينار على أن تأخذ بالدينار سبعة دراهم فامتنع عليه وأمر أن تحمل إليه فذكروا أنها دخلت مجلسه فجلست في هيئتها تنتظره فدخل عليها فقال لها ويلك إن هذا قد اعتاص علي في أمرك قالت وما يمنعك أن توفيه وترضيه فقال ليس يقنع بما أعطيه وأمرها بالإنصراف .
فبلغني أن الناطفي تصدق بثلاثين ألف درهم حين رجعت إليه فلم تزل في قلب الرشيد حتى مات مولاها فلما مات بعث مسرورا الخادم فأخرجها إلى باب الكرخ فأقامها على سرير وعليها رداء رشيدي قد جللها فنودي عليها من يزيد بعد أن شاور الفقهاء فيها وقال هذه كبد رطبة وعلى الرجل دين فأشاروا ببيعها قال فبلغني أنها كانت تقول وهي في المصطبة أهان الله من أهانني وأذل من أذلني فلكزها مسرور بيده وبلغ بها مسرور مائتي ألف درهم فجاء رجل فقال علي زيادة خمسة وعشرين ألف درهم فلكزه مسرور وقال أتزيد على أمير المؤمنين .
ثم بلغ بها مائتين وخمسين ألفا وأخذها له قال ولم يكن فيها شيء يعاب وطلبوا لها عيبا لئلا تصيبها العين فأوقعوا بخنصر رجلها شيئا .
وأولدها ابنين قال أظنهما ماتا صغيرين ثم خرج بها إلى خراسان فمات هناك وماتت عنان بعده .
قال وأنشدنا لأبي نواس في قصيدة يمدح بها يزيد بن مزيد ويذكر عنان في تشبيبها .
( عِنان يا من تُشبه العِينَا ... أنتِ على الحُبِّ تلومينا ) .
( حُسنك حُسْنٌ لا أَرى مثلَه ... قد ترك الناس مَجانينَا )