كان بالكرخ نخاس يكنى أبا عمير وكان له جوار قيان لهن ظرف وأدب وكان عبد الله بن محمد البواب يألف جارية منهن يقال لها عبادة ويكثر غشيان منزل أبي عمير من أجلها فضاق ضيقة شديدة فانقطع عن ذلك وكره أن يقصر عما كان يستعمله من برهم فتعلم بضيقته ثم نازعته نفسه إلى لقائها وزيارتها وصعب عليه الصبر عنها فأتاه فأصاب في منزله جماعة ممن كان يألف جواريه فرحب به أبو عمير والجارية والقوم جميعا واستبطأوا زيارته وعاتبوه على تأخره عنهم فجعل يجمجم في عدره ولا يصرح فأقام عندهم فلما أخذ فيه النبيذ أنشأ يقول .
( لو تشكَّى أبو عُمير قليلاً ... لأتيناه من طَريق العِيادَهْ ) .
( فقضيْنَا من العيادة حقَّاً ... ونظرنا في مُقْلَتَيْ عبَّادَهْ ) .
فقال له أبو عمير مالي ولك يا أخي أنظر في مقلتي عبادة متى شئت غير ممنوع ودعني أنا في عافية لا تتمن لي المرض لتمودني .
وقال أحمد بن القاسم .
كان عبد الله بن إسماعيل بن علي بن ريطة يألف ابن البواب ويعاشره فشرب عنده يوما حتى سكر ونام فلما أفاق في السحر أراد الإنصراف فحلف عليه واحتبسه وكان عبد الله يهوى جارية له من جواري عمرو بن بانة فبعث إلى عمرو بن بانة فدعاه وسأله إحضار الجارية فأحضرها وانتبه عبد الله بن إسماعيل من نومه وهو يتململ خمارا .
فلما رآها نشط وجلس فشرب وتمموا يومهم فقال عبد الله بن محمد بن البواب في ذلك .
( وكريمِ المجدِ محضٍ أبوه ... فهو الصفو اللَّبابُ النُّضارُ )