فقال لا سبيل إلى ذلك هذا الصوت قد نهتني الجن عنه ولكني أغنيك في شعر لمرة بن محكان وقد طرقه ضيف في ليلة شاتية فأنزلهم ونحر لهم ناقته ثم غناه قوله .
( يا ربة البيت قومي غيرَ صاغرةٍ ... ضُمِّي إليك رحالَ القَوْمِ والقُرُبا ) .
فأطربه ثم قال له الغريض هذا لعن أخذته من عبيد بن سريج وسأغنيك لحنا عملته في شعر على وزن هذا الشعر ورويه للحطيئة ثم غناه .
( ما نَقَموا من بغيضٍ لا أبالهُم ... في بائس جاء يحدو أينُقاً شُزُبَا ) .
( جاءت به من بلاد الطُّور تحملهُ ... حصَّاء لم تتركْ دون العصَا شَذبا ) .
فقام القرشي فقبل رأسه فقال له فدتك نفسي وأهلي لو لم أقدم مكة لعمرة ولا لبر وتقوى ثم قدمت إليها لأراك وأسمع منك لكان ذلك قليلا .
ثم انصرف .
وحدثني بعض مشايخ الكتاب أنه دخل على أبي العبيس بن حمدون يوما فسأله أن يقيم عند فأقام وأتاهم أبو العبيس بالطعام فأكلوا ثم قدم الشراب فشربوا وغناهم أبو العبيس يومئذ هذا الصوت .
( ألا مُتَّ أعطيتَ صبراً وعزمةً ... غداة رأيتَ الحيَّ للبين غاديا )