فدفع إلى محبوبة تفاحة مغلفة فقلبتها وانصرفت عن حضرته إلى الموضع الذي كانت تجلس فيه إذا شرب ثم خرجت جارية لها ومعها رقعة فدفعتها إلى المتوكل فقرأها وضحك ضحكا شديدا ثم رمى بها إلينا فقرأناها وإذا فيها .
( يا طيب تُفاحة خلوتُ بها ... تُشعل نارَ الهوى على كَبِدي ) .
( أبكي ليها وأشتكي دَنَفِي ... وما ألاقي من شدَّة الكَمَدِ ) .
( لو أن تفاحةً بكت لبكت ... من رحمتي هذه التي بيدي ) .
( أن كنتِ لا ترحمين ما لقيتْ ... نفسي من الجهد فارحمي جسدي ) .
قال فو الله ما بقي أحد إلا استظرفها واستملحها وأمر المتوكل فغني في هذا الشعر صوت شرب عليه بقية يومه .
حدثني جعفر بن قدامة قال حدثني علي بن يحيى المنجم .
أن جواري المتوكل تفرقن بعد قتله فصار إلى وصيف عدة منهن وأخذ محبوبة فيمن أخذ فاصطبح يوما وأمر بإحضار جواري المتوكل فأحضرن عليهن الثياب الملونة والمذهبة والحلي وقد تزين وتعطرن إلا محبوبة فإنها جاءت مرهاء متسلبة عليها ثياب بياض غير فاخرة حزنا على المتوكل فغنى الجواري جميعا وشربن وطرب وصيف وشرب ثم قال لها يا محبوبة غني فأخذت العود وغنت وهي تبكي وتقول .
( ايُّ عيش يطيبُ لي ... لا أرى فيه جعفرَا ) .
( ملكا قد رأَته عَيْنِي ... قتيلاً معفَّرَا )