فنزل وطعم وشرب وبينه وبين الناس حجاب ستر يراهم منه ولا يرونه فدعا بعبيد من وراء الستر فقال له رديفه هلا كان الذبح لغيرك يا عبيد فقال أتتك بحائن رجلاه فأرسلها مثلا فقال ما ترى يا عبيد قال أرى الحوايا عليها المنايا فقال فهل قلت شيئا فقال حال الجريض دون القريض فقال أنشدني .
( أقفرَ من أهلِه مَلحوب ... ) .
فقال .
( أقْفَرَ من أَهله عبيدُ ... فليس يُبدي ولا يعيدُ ) .
( عنَّت له خُطَّةٌ نكودُ ... وحان منها له ورودُ ) .
فقال أنشدنا .
( هِيَ الخمر تُكنى بأمِّ الطِّلىَ ... كما الذئبُ يُكنى أبا جَعْدَه ) .
وأبى أن ينشدهم شيئا مما أرادوا فأمر به فقتل .
فأما خبر عمرو بن مسعود وخالد بن المضلل ومقتلهما فإنهما كانا نديمين للمنذر بن ماء السماء فيما ذكره خالد بن كلثوم فراجعاه بعض القول على سكره فغضب فأمر بقتلهما وقيل بل دفنهما حيين فلما أصبح سأل عنهما فأخبر خبرهما فندم على فعله فأمر بإبل فنحرت على قبريهما وغري بدمائها قبراهما إعظاما لهما وحزن عليهما وبنى الغريين فوق قبريهما وأمر فيهما بما قدمت ذكره من أخبارهما فقالت نادبة الأسديين .
( ألا بَكرَ الناعي بخير بني أسدْ ... بعمرِو بن مسعودٍ وبالسيّد الصَّمَدْ ) .
وقال بعض شعراء بني أسد يرثي خالد بن المضلل وعمرو بن مسعود وفيه غناء