هم بشجاع يتمعك على الرمضاء فاتحا فاه من العطش وكانت مع عبيد فضلة من ماء ليس معه ماء غيرها فنزل فسقاه الشجاع عن آخره حتى روي وانتعش فأنساب في الرمل فلما كان من الليل ونام القوم ندت رواحلهم فلم ير لشيء منها أثر فقام كل واحد يطلب راحلته فتفرقوا فبينا عبيد كذلك وقد أيقن بالهلكة والموت إذا هو بهاتف يهتف به .
( يا أَيُّها الساري المضِلُّ مذهبُهْ ... دونكَ هذا البَكَر منّا فاركبه ) .
( وبكْرُكَ الشارد أيضاً فاجنبُهْ ... حتى إذا الليلُ تَجَلّى غيهبه ) .
( فَحُطّ عنه رحلَه وسَيّبُه ... ) .
فقال له عبيد يا هذا المخاطب نشدتك الله إلا أخبرتني من أنت فأنشأ يقول .
( أنا الشّجاع الذي ألفيْتَه رَمِضاً ... في قفرةٍ بين أحجارٍ وأعقادِ ) .
( فَجُدْتَ بالماء لما ضَنَّ حامُله ... وزِدتَ فيه ولم تبخل بإِنكادِ ) .
( الخيرُ يبقى وإن طال الزمانُ به ... والشرُّ أخبثُ ما أوْعيتَ من زادِ ) .
فركب البكر وجنب بكره وسار فبلغ أهله مع الصبح فنزل عنه وحل رحله وخلاه فغاب عن عينه وجاء من سلم من القوم بعد ثلاث