الوطء فلم يلتفت إلى إشارتهن لما تداخله إلى أن سمع ترنم ابن سريج بهذا الصوت فألقى السيف من يده وصاح به وقد عرفه من غير أن يكون رآه ولكن بالنعت والحذق أبا يحيى جعلت فداءك أتيتنا بثلثمائة دينار لتنفقها عندنا في حيرتنا فوحق المسيح لا خرجت منها إلا ومعك ثلثمائة دينار وثلثمائة دينار وثلثمائة دينار سوى ما جئت به معك ثم دخل إليه فعانقه ورحب به ولقيه بخلاف ما كان يلقاه به وسأله عن هذا الصوت فأخبره أنه صاغه في ذلك الوقت .
فصار معه إلى بشر بن مروان فوصله بعشرة آلاف درهم أول مرة ثم وصله بعد ذلك بمثلها فلما أراد الخروج رد عليه جدي ماله وجهزه ووصله بمقدار نفقته التي أنفقها من مكة إلى الحيرة ورجع ابن سريج إلى أهله وقد أخذ جميع من كان في دارنا منه هذا الصوت .
غنى للناس فمات بسبب الازدحام .
أخبرني عمي قال حدثني عبد الله بن أبي سعد قال حدثني حسان بن محمد الحارثي قال حدثنا عبد الله قال حدثنا عبيد بن حنين الحيري قال .
كان المغنون في عصر جدي أربعة نفر ثلاثة بالحجاز وهو وحده بالعراق والذين بالحجاز ابن سريج والغريض ومعبد فكان يبلغهم أن جدي حنينا قد غنى في هذا الشعر .
( هَلاَّ بكَيْت على الشباب الذاهبِ ... وكَفَفْتَ عن ذَمِّ المَشِيبِ الآئبِ ) .
( هذا ورُبَّ مُسَوِّفِينَ سَقَيْتُهُمْ ... من خمر بابلَ لذّةً للشارِبِ ) .
( بَكَرُوا عَلَيَّ بسُحْرَةٍ فَصَبَحْتُهم ... من ذات كُوبٍ مثل قَعْبِ الحالِبِ )