هذا الصوت وما هو من أغاني جدك ولا من أغاني بلدك وإني لأعجب من ذلك فقال لي الشيخ والصليب والقربان ما صنع هذا الصوت إلا في منزلنا وفي سرداب لجدي ولقد كاد أن يأتي على نفس عمتي فسألته عن الخبر في ذلك فقال .
حنين في ضيافة ابن سريج .
حدثني أبي أن عبيد بن سريج قدم الحيرة ومعه ثلثمائة دينار .
فأتى بها منزلنا في ولاية بشر بن مروان الكوفة وقال أنا رجل من أهل الحجاز من أهل مكة بلغني طيب الحيرة وجودة خمرها وحسن غنائك في هذا الشعر .
( حَنَتْني حانياتُ الدهر حتّى ... كأنِّي خاتلٌ يَدْنُو لصَيْدِ ) .
( قريبُ الخَطْو يَحْسَبُ مَنْ رآني ... ولستُ مُقَيَّداً أَنِّي بِقَيْدِ ) فخرجت بهده الدنانير لأنفقها معك وعندك ونتعاشر حتى تنفد وأنصرف إلى منزلي .
فسأله جدي عن اسمه ونسبه فغيرهما وانتمى إلى بني مخزوم فأخذ جدي المال منه وقال موفر مالك عليك ولك عندنا كل ما يحتاج إليه مثلك ما نشطت للمقام عندنا فإذا دعتك نفسك إلى بلدك جهزناك إليه ورددنا عليك مالك وأخلفنا ما أنفقته عليك إلى أن جئتنا وأسكنه دارا كان ينفرد فيها فمكث عندنا شهرين لا يعلم جدي ولا أحد من أهلنا أنه يغني حتى انصرف جدي من دار بشر ابن مروان في يوم صائف مع قيام الظهيرة فصار إلى باب الدار التي كان أنزل ابن سريج فيها فوجده مغلقا فارتاب بذلك ودق الباب فلم يفتح له ولم يجبه أحد فصار إلى منازل الحرم فلم يجد فيها ابنته ولا جواريه ورأى ما بين الدار التي فيها الحرم ودار ابن سريج مفتوحا فانتضى سيفه ودخل الدار ليقتل ابنته فلما دخلها رأى ابنته وجواريه وقوفا على باب السرداب وهن يومئن إليه بالسكوت وتخفيف